تمّ اليوم الأربعاء رسميّا إطلاق كرسي هشام جعيّط لتاريخ وثقافات الإسلام بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس (9 أفريل)، بحضور وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي ورئيس جامعة تونس الحبيب سيدهم ومدير عام معهد العالم العربي بباريس معجب الزهراني وعميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس عبد الحميد فنينة والأستتاذة الجامعية المختصة في التاريخ الإسلامي والعربي منيرة شبوتو ومدير كرسي معهد العالم العربي بباريس الطيب ولد العروسي، بالإضافة إلى عدد من المثقفين والمفكرين.
وافتتح الأستاذ خالد كشير، المتخصّص في التاريخ الإسلامي الوسيط بجامعة تونس، حفل تدشين كرسي هشام جعيط لتاريخ وثقافات الإسلام، الذي يأتي ببادرة من جامعة تونس ومعهد العالم العربي بباريس، بالقول إنّ هذا الكرسي هو وفاءٌ بالعهد لعلم من أعلام تونس وهو الفقيد هشام جعيّط، مضيفا: « هو عهد قطعته جامعة تونس منذ 4 سنوات لما تمّ تكريمه في يوم دراسي وتدشين أكبر مدرج باسمه في الجامعة ».
وأكّد أن هذا الكرسي هو تخليد لذكرى هشام جعيّط الذي يعتبر صرحا معرفيا من خلال الكتب التي ألّفها وكان أيضا خير ممثّل لتونس في المحافل الدولية.
وتعهّد رئيس جامعة تونس الحبيب سيدهم، في كلمته، بأن يجعل من كرسي هشام جعيّط منبرا لتخليد ذكراه في الجامعة، وذلك من خلال القيام بأنشطة علمية مسترسلة لفائدة الباحثين الشبان ونشر فكره وإنتاجاته وذلك في علاقة بما اشتغل عليه الفقيد هشام جعيّط.
وأفاد أيضا أن جامعة تونس ستعمل على توفير منحة سنوية للطلبة التونسيين للقيام بالبحوث في فرنسا أو في ألمانيا حول شخصية هشام جعيط أو كتبه أو المواضيع التي تناولها والتي لم يُكتب لها أن ترى النور.
وبكلمات مؤثرة، استعادت وزيرة الشؤون الثقافية حياة قطاط القرمازي الفترة التي قضّتها طالبة في مرحلة الماجستير والدكتوراه لدى الأستاذ هشام جعيّط، قائلة: « قضيت سنوات عديدة مع الأستاذ هشام جعيط ولحسن حظي أن كنت طالبة لديه ». وتُضيف: « كنت آخر طالبة دكتوراه يشرف على أطروحتها واشتغلت آنذاك على مقاربة في الأنثروبولوجيا التاريخية في القرن السادس للميلاد أي مع نهاية الفترة الجاهلية وبداية الإسلام ».
وتذكُر الوزيرة أن هشام جعيّط كان أيضا مفعما بنظريات ابن خلدون.، وهو الذي اشتغل على فلسفة التاريخ، وساهم في تنمية الفكر وكان دوما يؤكد على أن الفكر ينبغي أن يكون محرّرا من كل القيود. وتُفيد في شهادتها أن جعيّط كان في حيرة دائمة ويضع الأشياء موضوع استفهام وكلّ سؤال يطرحه يُتوِّجه بمبحث علمي.
وفي كلمتها أمام الحضور، تقول الأستاذة الجامعية منيرة شبوتو إن هشام جعيّط هو المؤسس الفعلي للمجمّع التونسي للعلوم والآداب والفنون « بيت الحكمة » سنة 2012، لأنّه أرسى دعائم الدجيمقراطية والتشاركية في اتخاذ القرار صلب المؤسسة ووضع برامجها وتصوّراتها.
وأفادت في كلمتها أنها عرفت جعيّط سنة 1967، وكان من بين المؤسسين لقسم التاريخ بالكلية مع الأستاذ الفقيد محمد الطالبي. وتذكر أيضا أن جعيّط اختص في تاريخ العالم العربي بعدة حصوله على شهادة التبريز سنة 1962. وقد استهلّ مساره المهني والعلمي بإفريقية. وتحدّثت أيضا عن دور الرئيس الحبيب بورقيبة الذي طلب من خريجي الجامعات الاشتغال على تاريخ تونس، وقد تكفّل بذلك الأستاذ محمد الطالبي وكلّف الأستاذ هشام جعيّط بالبحث.
ولاحظت منيرة شبّوتو أن الفقيد لطالما اشنغل بالتفكير والبحث في سؤال « لماذا ظلّ العالم العربي متأخر؟ »، مشيرة إلى أن الإجابة اقترنت لديه بأن العالم العربي لم يواكب الحداثة بسبب صلته بالثقافة الإسلامية.
واقترحت إطلاق اسم هشام جعيّط على كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس، وكذلك دعم كرسي هشام جعيّط لتاريخ وثقافات الإسلام من قبل وزارة الشؤون الثقافية وكذلك العمل على نشر كتبه التي لم تصدر بعد.
ومن جانبه ذكر مدير عام معهد العالم العربي بباريس معجب الزهراني أن هشام جعيّط هو قامة علمية وفكرية في تونس وفي العالم العربي، « لذلك كرّمه معهد العالم العربي سنة 2018 بحضور العديد من المفكّرين والمؤرّخين من العالم. وقال إن معهد العالم العربي بباريس سيعمل على دعم هذا الكرسي وإسناده عبر تنظيم ملتقيات فكرية وعلمية.
والدكتور هشام جعيط (1935-2021) هو مؤرخ مختص في تاريخ الإسلام في العصر الوسيط. ترك عديد المؤلفات الفكرية التي أثرت المكتبة التونسية والعربية منها « في السيرة النبوية : الوحي والقرآن والنبوة » الذي ورد في ثلاثة مجلدات. وهو حاصل على الدكتوراه في التاريخ الإسلامي من جامعة السوربون سنة 1981 وقد تولى رئاسة المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون « بيت الحكمة » من 2012 إلى 2015 كما كان عضوا في الأكاديمية الأوروبية للعلوم والفنون.