بيّنت دراسة علمية أنجزها فريق من الأطباء والباحثين بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر بصفاقس، أنّ مرض القصور الكلوي، يعرف زيادة في الإصابة به علاوة على ارتفاع كلفة علاجه وغياب ثقافة التّقصي المبكر له وفقدان سجل وطني يحصر الحالة الوبائية ويساعد على معالجتها والتقليص من آثارها الصحية والاجتماعية والاقتصادية.
وأوضح كاتب عام الجمعية التونسية لمرضى الكلى ورئيس قسم الكلى بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر، وأحد أعضاء الفريق الطبي الذي أنجز الدراسة المذكورة، الدكتور محمد بن حميدة، في تصريح لمراسل « وات » بالجهة، أن هذا المرض، المصنف كمشكل صحة عمومية وطنيا ودوليا، يكلف خزينة الدولة أكثر من 90 مليون دينار سنويا (5 بالمائة من النفقات الجملية لقطاع الصحة في تونس) بسبب الارتفاع المتزايد للإصابات وغياب التوعية والتحسيس والكشف المبكر للمرض الذي وصفه بالموت الصامت.
وتؤكد الدراسة، التي اشتغل الباحثون فيها على مجموعة حالات قصور كلوي في ولاية صفاقس لمدة 10 سنوات، أنّ عدد المصابين بهذا القصور ارتفع من 4200 مصابا في سنة 2000 إلى 10850 في سنة 2017 فيما يقبع 1400 مريض على قائمة المنتظرين لزرع الكلى، وبالتالي فإنّ عدد الأشخاص الذين يحتاجون لتصفية الدم يتطور بنسق يصل الى 5 بالمائة سنويا، مع ما يعنيه ذلك من استتباعات وانعكاسات في مستوى تدهور نوعية الحياة للمريض وارتفاع خطر الوفايات فضلا عن الكلفة الباهظة التي وصفها بن حميدة، بالحمل الثقيل والمتزايد على كاهل الدولة.
وشدد بن حميدة على ضرورة وضع كل الإمكانيات المتاحة لتطوير منظومة الوقاية والكشف المبكر كوسيلة لوقف نزيف هذا المرض، الذي ينخر جسم المجتمع التونسي. وأشار في هذا الصدد إلى أهمية ترسيخ سلوك صحي للمواطنين يضمن مراقبة دورية واستباقية للسكري في الدم وللسمنة ولضغط الدّم والتغذية السليمة والنشاط البدني المنتظم وتفادي التطبب وتناول الأدوية دون استشارة الأطباء وغيرها من السلوكيات المحفوفة بالمخاطر.
ونبه من خطورة تلازم مرض السكري وارتفاع ضغط الدم لدى المريض وما ينجر عنه من تكاثر مخيف للإصابة بالقصور الكلوي المزمنن النهائي المستوجب للتصفية.
وتستوجب إستراتيجية قريبة (2030)، متوسطة (2040) وبعيدة (2050) المدى، أشارت لها الدراسة، القيام بفحوص لفائدة الأطفال والشبان في الوسطين المدرسي والجامعي والقيام بفحص شامل لكل من بلغ سن الأربعين وتطوير سياسة وقائية تقوم على التقصي الذاتي والمبكر وهي إجراء على درجة من البساطة وغياب الكلفة المالية ويتمثل في قيس ضغط الدم والوزن والطول وجذاذة لتقصي السكري والدم و »البومينة » في البول.
وتخلص الدراسة إلى ضرورة إرساء سجل وطني للأمراض الكلوية المزمنة والقصور الكلوي بما من شأنه أن يساعد على معرفة الحالة الوبائية للمرض بدقة ووضع السياسات الصحية الملائمة لها.
تجدر الإشارة إلى أن وزارة الصحة تجري، حاليا، حوارا مجتمعيا حول السياسات والاستراتيجيات والمخططات الوطنية للصحة الرامية إلى إصلاح المنظومة الصحية ورسم رؤية الصحة في أفق 2030. ويفترض ان يأخذ هذا الإطار بعين الاعتبار نتائج هذه الدراسة العلمية التي تحذر من خطورة الإصابات بمرض القصور الكلوي في تونس وتقترح جملة من التوصيات في الغرض.