أفادت المديرة العامة للمركز الوطني للنهوض بزرع الاعضاء، الدكتورة رفيقة الباردي، اليوم الخميس، أنه يتم، سنويا في تونس، تسجيل 600 حالة وفاة دماغي لا يتم الانتفاع سوى بثلاث حالات منها فقط لانقاذ حياة مرضى آخرين موجودين على لائحة الانتظار بما يزرع فيهم أمل الحياة من جديد، وبما يقيهم آلام المرض وعذاب الانتظار.
وعزت الباردي، في ندوة صحفية نظمها المركز في إطار الاستعداد للاحتفال باليوم الوطني للتحسيس بالاعضاء الذي يوافق يوم 17 اكتوبر من كل سنة، الاحجام عن التبرع إلى غياب ثقافة التبرع بالاعضاء، وهو ما يقف حاجزا أمام النهوض بهذا القطاع الحيوي النبيل، وفق قولها.
وقدمت المديرة العامة للمركز الوطني للنهوض بزرع الاعضاء، في الندوة الصحفية، لمحة عن واقع قطاع التبرع وزرع الاعضاء في تونس الذي قالت إن لتونس تاريخ « عريق ورائد ومشرف » فيه إلا أن « واقعه بعيد جدا عن انتظارات وآمال الاطارات الطبية وشبه الطبية المختصة في المجال وكذلك المرضى المسجلين على قائمة الانتظار بهدف الظفر بعضو ينقذهم من الموت أوعلى الاقل يحسن من جودة حياتهم.
وكشفت، في هذا الاطار، أن ما لا يقل عن 10 الاف مريض بالقصور الكلوي يقومون بالتصفية أو ما يعرف ب »الدياليز »، يتوفى منهم سنويا بين 200 و300 مريض، ويوجد 1500 مريض على قائمة الانتظار لزرع كلية من متبرع متوف.
كما تتطلب حالة بين 80 و100 مريض من الاطفال والكهول سنويا عملية زرع كبد، يتوفى أغلبهم قبل الانتفاع بها، كما يحتاج حوالي 20 مريضا سنويا إلى عملية زرع قلب، يتوفى أغلبهم في فترة الانتظار، إضافة إلى وجود قرابة 1300 مريض سنويا في حالة انتظار لزرع قرنية.
وذكرت الباردي بان تونس شهدت أول عملية زرع للقرنية سنة 1948، ليبلغ عدد عمليات الزرع اليوم بين ألف والف و200 سنويا، كما تمت أول عملية زرع كلى سنة 1986 ليصل العدد الجملي إلى اليوم 1783 عملية.
كما تم في تونس، ومنذ 1993 القيام ب18 عملية زرع قلب، و منذ 1998 ب43 عملية زرع كبد ، وبعمليتان لزرع الرئة منذ 2013، وفق ما أكدته الدكتورة الباردي، التي شددت على أن هذه المؤشرات بعيدة جدا عن الانتظارات، لا سيما في ظل توفر الكفاءات الطبية وشبه الطبية، وإرادة هذه الاطارات القوية في النهوض بهذا النشاط، فضلا عن تعدد البرامج والاستراتيجيات الرامية إلى تطوير القطاع، وما تبذله الجمعيات الناشطة في المجال للتحسيس باهمية التبرع وزرع الاعضاء والانسجة.
واعتبرت الدكتورة الباردي أن السبب الرئيس في النقص المسجل في عمليات الزرع هو قلة عدد المتبرعين من المتوفين دماغيا، مشيرة إلى أن عدد هؤلاء المتوفين سنويا (موت دماغي) يقارب 600 حالة، ولكن نسبة اعتراض عائلات المتوفين تقف حائلا دون إنقاذ حياة أشخاص اخرين.
ويعود هذا الضعف في عمليات التبرع، بحسب الباردي، كذلك إلى الافكار الدينية المغلوطة لدى المواطنين بخصوص التبرع وزرع الاعضاء، وإلى عدم الدراية بالضمانات القانونية والطبية في المجال، وإلى الشكوك في وجود تجارة الاعضاء، مؤكدة أن ما يروج في بعض الاحيان عار تماما عن الصحة.
وأكدت، في هذا الصدد، أن القطاع تضبطه قوانين وأوامر، ويسهر المركز الوطني للتبرع بالاعضاء على تسيير عملية الاخذ والزرع في كنف الشفافية والعدالة، وبحسب الاولوية على قائمة الانتظار، ووفق أخلاقيات المهنة التي يلتزم بها الفريق الذي يسهر على هذه العملية التي تجري في كنف السرية التامة.
ومن العوامل الاخرى التي ساهمت في عرقلة تطور ثقافة التبرع بالاعضاء، تواضع الاقبال على وضع عبارة متبرع على بطاقة التعريف الوطنية وذلك لعدم الدراية بالمسالة، أو لصعوبة أخذ القرار، أو كذلك بسبب عدم توفير التسهيلات اللازمة للمواطنين على غرار عدم وجود المطبوعات بمراكز الامن، وغياب المعلومات الكافية.
ولمجابهة هذا الواقع اقترحت المديرة العامة للمركز الوطني للنهوض بزرع الاعضاء، تكثيف الحملات الاعلامية والتحسيسية لفائدة المواطن وإقناعه بأهمية التبرع بالأعضاء، والتعريف بالضمانات والفوائد، والتركيز على أخذ القرار في قائم الحياة للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة، إلى جانب تسهيل إجراءات وضع عبارة متبرع على بطاقة التعريف، والعمل بصفة دائمة مع المنظمات والجمعيات في مجال إشاعة ثقافة التبرع بالاعضاء.