أطلق أعوان واطارات الصيدلية المركزية للبلاد التونسية خلال اجتماع عام انتظم، اليوم الثلاثاء، بدعوة من النقابة الأساسية للمؤسسة، صيحة فزع بسبب تراجع مخزون الادوية و عدم خلاص الهياكل العمومية الاستشفائية المتعاملة معها للديون المتخلدة بذمتها لصالح الصيدلية المركزية والتي وصلت الى اكثر من 800 مليون دينار.
وفي هذا الصدد، أكد الكاتب العام للنقابة الاساسية للصيدلية المركزية، سفيان الدلاجي، في تصريح لمراسل (وات) ببن عروس، ان الديون الغير مستخلصة و المتخلدة بذمة الهياكل العمومية الاستشفائية والصندوق الوطني للتأمين على المرض لصالح المؤسسة بلغت 820 مليون دينار.
واضاف الدلاجي انه رغم انعقاد مجلس وزاري بتاريخ 6 نوفمبر 2017 خصص للنظر في كيفية خلاص الديون المتراكمة و المستوجبة للمؤسسة وتعهد كل من الصندوق الوطني للتأمين على المرض باستخلاص مبلغ شهري في حدود 33 فاصل 8 مليون دينار، والمستشفيات بمبلغ يتراوح شهريا بين 10 و12 مليون دينار إلا ان لم يتم التقيد بهذا الاتفاق، ولم تحصل المؤسسة من قبل الصندوق الا على 32 فاصل 3 مليون دينار خلال 5 اشهر ومن المستشفيات الا على 6 ملايين دينار خلال نفس المدة.
وعن استتباعات هذه الوضعية التي وصفها بالخطيرة، أكد الدلاجي بأن المؤسسة مهددة بتراجع مدخراتها من الادوية بعد تحذير عديد المزودين الاجانب الذين تتعامل معهم المؤسسة بالانقطاع عن تزويد المؤسسة و مدها بالادوية التي يمثل العديد منها ضرورة حيوية بالنسبة للبلاد نتيجة العجز عن الايفاء بتعهداتها المالية معهم.
في سياق متصل، ووفق نفس المصدر، فان المؤسسة مدعوة قبل نهاية شهر مارس الحالي الى الايفاء بتعهدات مالية مطلوبة منها لدى المزودين الاجانب تبلغ 249 مليون دينار في وقت تحتكم فيه المؤسسة على مخزون دوائي لايتجاوز مدة الشهر والنصف وهو اقل مستوى من المدخرات تبلغه المؤسسة منذ سنوات عديدة.
وحذّر الكاتب العام العام للنقابة الاساسية من وجود ماوصفها باللوبيات التي تحاول وضع يدها على هذا المرفق العمومي، لافتا الانتباه الى ان التفريط في هذه المؤسسة سيدفع ضرورة الى ارتفاع كبير في اسعار الادوية وبالتالي إلى مزيد تضرر الفئات المتوسطة والفقيرة ، وهو معطى يؤكده ارتفاع مديونية المؤسسة خلال عام فقط من 21 مليون دينار في ديسمبر 2016 الى210 ملايين دينار في ديسمبر 2017.
ووفق تقرير تحصلت وكالة تونس افريقيا للانباء على نسخة منه فان 14 هيكلا يستأثرون بنسبة 74 بالمائة من مجموع ديون القطاع العمومي موزعة على مصحات الضمان الاجتماعي، وإدارة الرعاية الصحية الأساسية، والمركز الوطني لزرع النخاع العظمي، وادارة الصحة العسكرية، وعدد من المستشفيات الكبرى.
ويتوزع حجم متخلدات الصيدلية المركزية لدى حرفائها العموميين الى موفى ديسمبر 2017 على 325 مليون دينار متخلدة بذمة هياكل الضمان الاجتماعي منها 323 مليون دينار بذمة الصندوق الوطني للتأمين على المرض، و344 مليون دينار بذمة الهياكل الاستشفائية التابعة لوزارة الصحة، و38 مليون دينار بذمة حرفاء عموميين اخرين .
وتفيد عديد المؤشرات المتعلقة بالوضعية المالية للصيدلية المركزية الى تراجع كبير وغير مسبوق في هامش الربح من 10 بالمائة خلال سنة 2016 الى دون 3 بالمائة خلال سنة 2017 نتيجة الانزلاق الهام الذي شهده سعر صرف الدينار التونسي مقابل اهم العملات الاجنبية الامر الذي انعكس سلبا على كلفة توريد الادوية في مقابل تجميد اسعار بيع الادوية الموجهة للقطاع الخاص من جهة وتآكل هامش الربح المحقق في القطاع الاستشفائي من جهة اخرى .
هذا الامر ادى كذلك الى ارتفاع كلفة دعم الادوية المستوردة الموجهة للقطاع الخاص خلال سنة 2017 الى اكثر من 130 مليون دينار مقابل 99 مليون دينار خلال سنة 2016 والى تحمل الصيدلية المركزية لخسائر صرف على اثر خلاص مزوديها الاجانب وتحيين ديونهم خلال سنة 2017 بأكثر من 162 مليون دينار، كما ادى ارتفاع سعر الادوية المستوردة الى تآكل هامش ربح المؤسسة في قطاعات كانت مربحة لها على غرار القطاع الاستشفائي وقطاع التلاقيح والامصال وقطاع الطلبيات المؤكدة.