تقدمت ناجية، المراة الخمسينية، من عون الاستقبال في مركز التلقيح الباهي الادغم باريانة، وقدمت له رقم تسجليها في منظومة « ايفاكس »، مستفسرة عن نوعية التلقيح المضاد لكوفيد 19 الذي ستتحصل عليه.
كتب عون الاستقبال رقم تسجيلها على قصاصة ورق وطلب منها التوجه الى قاعة الانتظار حتى يتسنى تطعيمها باللقاح الصيني « سينوفاك »، قبل ان تجيبه « آسفة لا ارغب في تلقي التلقيح الصيني، هل يمكن تأجيل موعد تلقيحي »، معللة رفضها بعدم الاعتراف بالتلقيح الصيني في البلدان الأوروبية.
ليست، هذه المرة الأولى التي يرفض فيها تونسيون نوعية ما من اللقاح ويخيرون تأجيل مواعيدهم بسبب ذلك فعدد لاباس به يرفض التلقيح الصيني او الروسي أو حتى البريطاني، ويطلبون تلقيح « فايزر » الأمريكي الألماني، ذلك ما أكده ل(وات) المدير الجهوي للصحة باريانة الطيب شلوف.
وأضاف شلوف بالقول « في بعض الأحيان تصل نسبة الرافضين لنوعية التلقيح الى 50 بالمائة من اجمالي المدعووين يوميا لتلقي التلقيح »، مشيرا إلى ان هذه الظاهرة، التي لا تتعلق بنجاعة التلقيح، وفق تقديره، لا تقتصر على ولاية اريانة، التي تضم 6 مراكز تلقيح، بل تشمل مختلف ولايات الجمهورية.
وغير بعيد عن ناجية قال صالح (52 سنة)، الذي كان يجلس أمام قاعة التلقيح بعد تلقيه الجرعة الأولى من اللقاح الصيني « سينوفاك »، « بالنسبة لي المهم الحصول على التلقيح، في وضع ينتشر فيه الفيروس بصفة كبيرة ويفرض علينا القبول بالموجود »، معتبرا ان التلقيح مهما كانت درجة فعاليته فهو أحسن من البقاء دون تلقيح.
وأضاف صالح وهو يغادر مركز التلقيح بعد نصف ساعة خضع خلالها للمراقبة الطبية، ان عملية التلقيح ضد كورونا لن تنتهي ولن تقف عند هذا الحد، لان بروز سلالات جديدة من الفيروس اللعين ربما سيفرض علينا التلقيح مرة كل سنة وعندها سيعرف نوع التلقيح الأكثر نجاعة من بين التلاقيح المتداولة حاليا.
وفي الوقت الذي تشهد فيه تونس ارتفاعا غير مسبوق في عدد الإصابات بفيروس كورونا، بتسجيل ما بين 8500 و9000 الاف إصابة يومية، حسب اخر تقرير للمنظمة العالمية للصحة، تتواصل الحملة الوطنية للتلقيح بنسق بطيء وتسجل في عديد الجهات تعثرا بسبب رفض المواطنين نوعيات معينة من التلاقيح.
فقد تحصلت تونس الى حدود 12 جويلية على حوالي 700 الف جرعة من التلقيح الصيني « سينوفاك » تم استهلاك 60 بالمائة فقط منها، كما استلمت حوالي 120 الف جرعة من « سبوتنيك » الروسي تم استهلاك 40 بالمائة منها في حين توفرت لتونس حوالي 1 مليون و400 الف جرعة من تلقيح « فايزر » وقع استهلاكها بالكامل.
وأوضحت، الاستاذة الجامعية المختصة في علم المناعة بمعهد باستور تونس سمر صمود، ان تعميم التلقيح على اكبر عدد ممكن من التونسيين وحده الكفيل بكسر حلقات العدوى والحد من انتشار الفيروس وخاصة التقليل من عدد الوفيات.
وأكدت ان « كل أنواع التلاقيح تحصلت على ترخيص من المنظمة العالمية للصحة وتتمتع بقدر كاف من النجاعة بما يجعلها تحمي الانسان بنسبة معينة من خطر الإصابة من الفيروس »، مشيرة إلى ان كل التلاقيح التي وصلت الى تونس تحصلت على تأشيرة المنظمة العالمية للصحة وكذلك على موافقة وزارة الصحة وهو ما يضمن فاعليتها.
وشددت على ان المهم ليست النسبة الكبيرة في نجاعة التلقيح، بل المهم هو تلقيح أكبر عدد ممكن من التونسيين ما يكسبهم مناعة جماعية تكون قادرة على اضعاف الفيروس والتقليص من المضار الصحية التي يتسبب فيها وخاصة الحالات الخطرة والوفيات.
واعتبرت الدكتورة صمود ان تنوع التلاقيح التي استخدمتها تونس ستكون فرصة لدراسة مدى تاثير كل تلقيح على السلالات التي برزت في تونس وهو ما سيفتح مجال البحث العلمي على مصرعيه أمام الكفاءات التونسية.
وأثبتت دراسة صادرة في النشرية العلمية المعروفة « انسات » خلال شهر جويلية الحالي، ان التلقيح الصيني « سينوفاك » يعد من اكثر التلاقيح نجاعة حتى الان، اذ تبلغ نسبة نجاعته 83,5 بالمائة كما بينت ذات الدراسة ان الاعراض الجانبية لا تصيب سوى حوالي 18 بالمائة من الملقحين بهذا اللقاح وتتمثل في قليل من التعب والالام في موضع التلقيح.
ويرى مختصون ان ما يشاع حول نجاعة تلاقيح معينة على حساب أخرى لمواجهة وباء كوفيد 19، ما هي الا حرب بين المخابر العالمية وبين الدول الكبرى للتموقع في سوق التلاقيح التي تقدر بمليارات الدولارات، متوقعين ان تتواصل هذه « الحرب » الى عدة سنوات قادمة.